تنفيذ الإلتزام بطريق التعويض القضائي
إذا لم يتمكن الدائن من الحصول على التنفيذ العيني من المدين لا باختياره ولا جبراً عليه التنفيذ العيني الجبري، فإنه لا سبيل أمام الدائن إلا اللجوء إلى طريق التعويض، والتعويض هو الجزاء العام عن قيام المسؤولية المدنية، والتنفيذ بطريق التعويض يشمل كل أنواع الالتزامات أياً كان مصدرها (العقد-الإرادة المنفردة-الفعل الضار-الفعل النافع-القانون)، وبالتالي يمكن تنفيذها عن طريق اللجوء إلى التعويض والذي يقدره القاضي وفقاً للسلطة التقديرية.
إلى جانب التعويض القضائي يوجد طريقتين أخريين للتعويض وهما التعويض القانوني والتعويض الإتفاقي، وفي كل الحالات يجب الإشارة إلى مرحلة سابقة على التعويض وهي ما يعرف بإعذار المدين ، فالقوانين المدنية (كالمصري والأردني والعراقي والجزائري والكويتي والإماراتي) تنص على مبدأ لا تعويض إلا بعد إعذار المدين ما لم ينص القانون على خلاف ذلك إذ تنص المادة 179 من القانون المدني الجزائري على: "لا يستحق التعويض إلا بعد إعذار المدين ما لم يوجد نص مخالف لذلك".
إلا أنه هناك حالات لا ضرورة لإعذار المدين فيها وهي :
- اذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكناً أو غير مجد ٍ بفعل المدين.
- إذا كان محل الالتزام تعويضاًَ ترتب على عمل غير مشروع (الفعل الضار أو المسؤولية التقصيرية)
- إذا كان محل الالتزام رد شيء يعلم المدين بأنه مسروق ، أو شي تسلمه بدون حق وهو عالم بذلك.
- إذا صرح المدين كتابة أنه لا يريد القيام بالتزامه.
- حالة الاستعجال إذا اقتضتها طبيعة الالتزام في التنفيذ على نفقة المدين.
تقدير التعويض القضائي:
يكون التعويض وفقاً لسلطة القاضي التقديرية في الحالة التي يكون التعويض غير مقدر في العقد (التعويض الاتفاقي) أو بنص قانوني (التعويض القانوني)، فيتولى القاضي تقدير التعويض ويشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب، وعناصر التعويض عن الضرر المباشر الذي لحق بالدائن في مجال الضرر المالي أو المادي هما عنصرين:1- ما لحق الدائن من خسارة مالية مباشرة متوقعة في نطاق المسؤولية العقدية (كاضطراره إلى شراء بضاعة بثمن أعلى)، وفي الإصابة الجسدية فإن الخسارة التي تلحق الضرر بالدائن تتمثل في مصاريف العلاج وأجور الطبيب وثمن الدواء والتحاليل الطبية والنفقات الأخرى.
2- ما فات على الدائن من كسب مالي،كفوات صفقة رابحة ثبت أن الدائن كان يعقدها لو قام المدين بتنفيذ التزامه في الميعاد المحدد، فالفنان الذي لا يقوم بالتزامه بالتمثيل يلتزم بدفع التعويض للمتعاقد الآخر (المنتج) عما أصابه من خسارة بسبب ما أنفقه من مصاريف لإعداد الفيلم وعما ضاع عليه من ربح كان سيحصل عليه لو أن الفنان نفذ التزامه.
أما التعويض عن الضرر المعنوي فإنه يقدر جملة واحدة وفقاً للاعتبارات والظروف الخارجية المؤثرة (فتشويه وجه فتاة نتيجة لحادث سير يختلف عن تشوه وجه إمرأة كبيرة في السن، وذهاب صوت فنان مشهور بناء على خطأ طبي يختلف عن تعويض ذهاب صوت شخص عادي...
وفي كل الحالات يمكن للقاضي الإستعانة برأي خبير لتحديد مقدار الضرر والتعويض اللائق خاصة عندما يتعلق الأمر بمسألة فنية أو تقنية (المجال الطبي، الميكانيكي، الهندسي والبناء... إلخ).