النظـــام البرلـمـــانـي
إن الوظيفة الأساسية للدولة هي العمل على تحقيق القانون من خلال الوظائف الثلاث. وقد ثار تساؤل: هل الأفضل تركيز هذه السلطات في يد شخص واحد أو من الأحسن توزيعها على أكثر من هيئة واحدة؟
وقد تبيّن تاريخيا أن تركيز السلطة في يد شخص واحد قد أدّى في غالب الأحيان إلى قيام أنظمة إستبدادية، لهذا نادى معظم الفقهاء وعلى رأسهم الفقيه مونتسكيوبتطبيق مبدأ الفصل بين السلطات.
ظهرت عدة أنظمة سياسية حاولت تطبيق فكـرة الفصل بين السلطات مثل النظام الرئاسي، شبه الرئاسي، البرلـمـــاني وهو موضوع المقال.
يقوم النظام البرلماني على مبدأ الفصل النسبي بين السلطات مع التوازن والتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وقد كان هذا النظام وليد ظروف تاريخية وسوابق عرفية نشأت وتطوّرت في بريطانيا.
أركان النظام البرلماني:
يرتكز النظام البرلماني على : ثنائية السلطة التنفيذية - عنصر التعاون والرقابة المتبادلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
أ- ثنائية السلطة التنفيذية:
تتكوّن السلطة التنفيذية من طرفين الرئيس والحكومة.
1- رئيس الدولة :
قد يكون رئيس الدولة ملكا يتلقى السلطة عن طريق الوراثة أو رئيسا منتخبا من الشعب أو من البرلمان، والرئيس غير مسؤول سياسيا لكنه مسؤول جنائيا بخلاف ما إذا كان ملكا فهو غير مسؤول لا سياسيا ولا جنائيا وسبب عدم تحميل رئيس الدولة المسؤولية السياسية لأنه كقاعدة عامة لا يتمتع بسلطة تنفيذية حقيقية، فدوره في ممارسة السلطة لا يتعدى مجرد توجيه النصح والإرشاد إلى سلطات الدولة وإن الصلاحيات المحددة له دستوريا لا يباشرها إلاّ من خلال الوزراء المعينين، وإذا كان لهم إختصاص ممنوح لرئيس الدولة هو تعيين رئيس الوزراء فإنه مقيّد في ذلك بنتيجة الإنتخابات ومهما كان الدور الممنوح للرئيس إلاّ أنه يبقى الحكـم الأعلى بين سلطات الدولة.
2- الوزارة (الحكومة) :
وهي تتشكل من رئيس الحكومة الذي يعيّن من بين الأغلبية في البرلمان ويقوم بإختيار أعضاء حكومته وتمارس الحكومة مهام السلطة التنفيذية في النظام البرلماني فهي صاحبة السلطة الفعلية ولذا فإنها تتحمل المسؤولية أمام البرلمان سواء كانت مسؤولية فردية أم نظامية وتتخذ القرارات في مجلس الوزراء بأغلبية الأصوات ويمكن لرئيس الدولة حضور إجتماعات الحكومة لكنه لا يحق له تصويت.
ب- عنصر التعاون والرقابة المتبادلة :
نظهر تعاون السلطتين في الآتي :
- أعمال تقوم بها السلطة التنفيذية لتتعاون مع السلطة التشريعية وإجراء الرقابة اتجاهها :
- تقوم السلطة التنفيذية بالأعمال الخاصة بتكوين البرلمان مثل الإعداد والإشراف على عملية الإنتخاب.
- استدعاء الهيئة التشريعية لإنعقاد ولإنهاء دورته.
- لها حق إقتراح القوانين والإعتراض عليها وإصدارها.
- كـما يسمح بالجمع بين ضوية البرلمان والوزارة.
- وأخطر عمل تقوم به هو حقها في حل البرلمان.
- الأعمال التي تقوم بها السلطة التشريعية للتعاون مع السلطة التنفيذية وإجراء الرقابة عليها:
- توجيه السؤال بحق النواب في طلب استفسار من أحد الوزراء بخصوص مسألة معيّنة والسؤال يبقى مجرد علاقة بين النائب والوزير.
- حق الإيستجواب وهو محاسبة الوزراء (الحكومة) أو أحد أعضائها على تصرّف معيّن وهو يتضمن إتهاما أو نقدا للسلطة التنفيذية، ويشترك في النقاش أعضاء البرلمان ويمكن أن يتنهي بسحب الثقة.
- هو المسؤولية الوزارية ويجوز للبرلمان أن يسحب ثقته من الوزير فتكون مسؤولية فردية أو من الوزارة ككل فتكون مسؤولية تضامنية وبالتالي على الحكومة تقديم إستقالتها.
- حق إجراء تحقيق إما عن طريق لجنة برلمانية أو إنشاء لجنة تحقيق مؤقتة.
- تولي رئيس الدولة منصبه عن طريق البرلمان فبعض الدساتير تخوّل البرلمان إنتخاب رئيس الدولة.
- الإتهام الجنائي والمحاكمة: بعض الدساتير تعطي البرلمان حق توجيه الإتهام الجنائي للرئيس أو لأحد الوزراء بسبب قيامهم بجرائم أثناء تأدية لمهامه، كما تقرر إشتراك بعض النواب في عضوية الهيئة الخاصة بمحاكمة هؤلاء.
الإطلاع وتحميل محاضرات حول القانون الدستوري والأنظمة السياسية