حدثت وقائع هذه القضية فى عام 1932، فى إحدى مدن إنجلترا، وملخص القضية أن سيدة تدعى مسز دونوهيو ذهبت مع صديقة لها الى مقهى، حيث أصرت الصديقة على أن تقدم لها شرابا من إختيارها، وطلبت مسز دونوهيو زجاجة من شراب الجنزبيل، التى أحضرها النادل مع كوب. وطلبت الصديقة فنجان قهوة.
صبت مسز دونوهيو بعض شراب الجنزبيل من الزجاجة البنية اللون فى الكوب الزجاجى، وشربت ما فى الكوب، ثم أمالت الزجاجة لكى تملأ الكوب ببقية المشروب، ولفزعها الشديد، رأت جسم قوقع متحلل يخرج من الزجاجة، ويسقط فى الكوب، محدثا صوت...... بلوب.
صرخت مسز دونوهيو فزعا، ثم سقطت مغشيا عليها، وبعد الإفاقة، أخذوها الى المستشفى، حيث تبين أنها تعانى من آلام فى المعدة، وقيئ شديد، وصدمة عصبية.
بعد خروجها من المستشفى، قررت رفع قضية على صاحب المقهى، وذهبت الى محام مشهور وقصت عليه القصة.
وقد أفادها المحامـي بالآتـي:
1- أمامها طريقان لرفع الدعوى: إما بموجب قانون عقد البيع، و إما طبقا لقوانين الإهمال.
2- لن يمكنها رفع الدعوى على صاحب المحل، لأنه لم يبيع لها المشروب، بل دفعت الصديقة تمن المشروب مقدما.
3- لن تستطيع أيضا أن ترفع قضية على صاحب مصنع المشروبات، لأنها لم تشترى المشروب منه.
4- كما أنها لن تستطيع رفع دعوى تعويض عن إهمال، حيث أنه لا يعرفها، و لاعلاقة له بها، لأن قانون الإهمال يتطلب إثبات أن المدعى يلتزم طبقا للقانون بالحيطة، ولم يخل بهذا القانون حيالها.
5- لن تستطيع مسز دودونوهيو رفع دعوى على صديقتها، حيث أن دعوتها إلى شرب المشروب هي علاقة إجتماعية لا ترتب علاقة تعاقدية، أو تتضمن درجةإهمال.
ثم بعد تفكير، أضاف المحامى أن السيدة الصديقة صاحبة الدعوى لن تستطيع رفع دعوى على صاحب المقهى، لأنها لم تُصب بأذى، ولن تستطيع رفع الدعوى على صاحب الشركة صانعة المشروب لنفس السبب.
ثم حك المحامـي رأسه، وقال: هل نظرتى فى الزجاجة قبل صب المشروب؟ فردت قائلة:ا لزجاجة كانت قاتمة اللون، ومغبشة، ولم أستطع رؤية ما بداخلها.
ففكر المحامى قليلا ، ثم قال لها أنه سيرفع دعوى على صاحب المصنع ، لأنه حتى و لو يكن مسئولا عن سلامة منتجاته قبلها، (لأنها لم تشتر الزجاجة منه)، إلا أنه مسئول عن سلامة المنتج قبل المجتمع كله، الذى قد يتعرض لنفس الظروف، بمعنى أن صاحب المصنع كان مهملا فى التأكد من نظافة الزجاجة، وكان من اللازم أن يتوقع أن يؤدى هذا الإهمال الى إحداث إصابة أو مرض لشخص أو أشخاص.
ولم تاخذ المحكمة الإبتدائية بوجهة نظره، وحكمت برفض دعوى التعويض.
ولكن المحامى العنيد أعاد القضية أمام محكمة عليا، وأيدت المحكمة العليا حق مسز دونوهيو في التعويض السخي، وكان من حيثيات الحكم:
1- أن مسز دونوهيو المصابة لم تكن طرفا لعلاقة تعاقدية.
2- لم يكن فى إستطاعة صاحب المقهى التفتيش على محتويات الزجاجة المغلقة المعتمة، قبل أن يقدمها للزبونة.
3- أن الزجاجة وصلت الى المستهلك فى نفس الحالة التى كانت عليها وقت الخروج من المصنع، بدون وجود فرصة للعبث بمحتوياتها.
4- كان من المعقول و من المفروض أن يتوقع صاحب المصنع أن إهماله سوف يؤدى حتما الى إصابة أحد مستهلكى بضاعته.
5- تعتبر مسز دونوهيو ، التى إستهلكت بضاعته فى محل الشخص الواجب بالرعاية، وقد أخل صاحب المصنع بهذا الواجب (واجب الرعاية)، لأن إصابتها كانت نتيجة مباشرة لإهماله.
6- إصيبت مسز دونوهيو بصدمة عصبية، و مغص فـي الأمعاء، وقيئ شديد، بسبب إهمال صاحب المصنع.
للأسباب المبينة أعلاه، أصدر القاضي حكما بتعويض جسيم.
وقد أدى الحكم الصادر من هذه المحكمة العليا، الى خلق سابقة قانونية، واجبة الإتباع من بقية المحاكم، والقانون الذى خلقته هذه القضية لأول مرة فى القانون الإنجليزى هو:
* أن صاحب أى مصنع مسئول عن أى ضرر يتنج لمستعمل منتجاته، متى كان الضرر نتيجة مباشرة لإستعمال هذا المنتج، ويكون هذا حتى ولو لم يشترى المستهلك هذا المنتج من صاحب المصنع مباشرة.
وبهذا، دخل هذا القوقع التاريخ القانونـي من أضيق عنق زجاجة جنزبيل.