بحث حول نطاق تطبيق القانون من حيث الأشخاص: مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون
نطاق تطبيق القانون من حيث الأشخاص: مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون من بين البحوث المقررة في السداسي الأول من السنة الأولى في مقياس المدخل للعلوم القانونية ( راجع بحث تعريف القانون وخصائص القاعدة القانونية )، وسنتطرق إلى هذا البحث من خلال الأصل وهو مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون ومن خلال إيراد بعض الاستثناءات التي تخص هذا المبدأ.
باقي بحوث المدخل للعلوم القانونية:
- تعريف القانون وخصائص قواعده.
- تمييز القانون عن القواعد الاجتماعية الأخرى.
- أنواع القواعد القانونية: القواعد الآمرة والمكملة.
- المصدر الرسمي الأصلي للقانون (التشريع وأنواعه).
- المصادر الاحتياطية للقانون الجزائري (الشريعة الإسلامية والعرف).
- تطبيق القانون من حيث المكان: مبدأ إقليمية ومبدأ شخصية القوانين (مقياس المدخل للعلوم القانونية)
يمكن تقسيم هذا البحث تقسيما ثنائيا إلى مبحثين، المبحث الأول ندرس فيه مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون، ونخصص المبحث الثاني لدراسة بعض الاستثناءات الواردة على المبدأ.
خطة البحث
******************
عنوان البحث: نطاق تطبيق القانون من حيث الأشخاص: مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون
مقدمة
المبحث الأول: مضمون مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون ونطاقه
المطلب الأول: مضمون المبدأ وأساسه
الفرع الأول: مضمون المبدأ
الفرع الثاني: أساس المبدأ
المطلب الثاني: نطاق مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون
الفرع الأول: نطاق المبدأ من حيث مصادر القاعدة القانونية
الفرع الثاني: نطاق المبدأ من حيث طبيعة القاعدة القانونية
المبحث الثاني: الاستثناءات الواردة على مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون
المطلب الأول: القوة القاهرة وطلب إبطال العقد لغلط في القانون
الفرع الأول: القوة القاهرة
الفرع الثاني: طلب إبطال العقد لغلط في القانون
المطلب الثاني: جهل التشريع غير الجنائي ينفي المسؤولية الجنائية وجهل الأجنبي لأحكام قانون العقوبات
الفرع الأول: جهل التشريع غير الجنائي ينفي المسؤولية الجنائية
الفرع الثاني: جهل أجنب لأحكام قانون العقوبات
خاتمة
******************
بعض النقاط الأساسية في بحث نطاق تطبيق القانون من حيث الأشخاص: مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون
مقدمة
بعد أن تعرفنا على القاعدة القانونية وأهم خصائصها، ورأينا أهم مصادرها وكيفية نشوئها، أصبح لزاما علينا التساؤل حول نطاق تطبيق القانون من حيث الأشخاص المخاطبين به وذلك بطرح إشكالية جوهرية تتمثل في مدى إمكانية الاعتذار بجهل الشخص للقانون.
المبحث الأول: مضمون مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون ونطاقه
يستحيل عمليا تمكين الأشخاص من الاحتجاج بجهل القانون للإفلات من المسؤولية، فمن جهة يصعب اثبات عنصر العلم بالقاعدة القانونية ومن جهة أخرى استبعاد مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون سيؤدي إلى اختلال المجتمع.
المطلب الأول: مضمون مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون وأساسه
الفرع الأول: مضمون المبدأ
بعد نشوء القاعدة القانونية باختلاف نوعها ومصادرها تصبح نافذة على جميع الأشخاص المخاطبين بها دون استثناء، أي أنه يستوي في المسؤولية من كان عالما بالقاعدة القانونية ومن كان يجهلها. كما يستوي المختص في القانون كالأستاذ، والقاضي والمحامي والطالب في الحقوق مع أصحاب الاختصاصات الأخرى بل ويستوون أيضا مع الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب، وهذا ما يسمى بمبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون Nul n’est censé ignorer la loi.
فجميع الأشخاص يصبحون معنيين بالقاعدة القانونية ولا يمكنهم الإفلات من تطبيقها حتى ولو كانوا فعلا جاهلين بها.
الفرع الثاني: أساس المبدأ
من بين الأهداف الأساسية للقانون هو تحقيق الاستقرار والحفاظ على النظام العام عن طريق إحقاق العدل بتطبيق نفس القواعد القانونية على جميع الأشخاص دون التوقف عند الظروف الشخصية لكل شخص. بالتالي فإنه يتعذر جواز الاعتذار بجهل القانون حتى لا يتهرب منها من كان يجهل وجود القاعدة القانونية المخاطب بها بل حتى الأشخاص العالمين بها سيحتجون بجهل القانون للإفلات من المسؤولية.
المطلب الثاني: نطاق مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون
الفرع الأول: نطاق مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون من حيث مصادر القاعدة القانونية
تختلف القاعدة القانونية باختلاف مصادرها كما رأينا فيما سبق، ويسري مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون على كل القواعد القانونية باختلافها (تشريع، دين، عرف...)، فلا يجوز الاحتجاج مثلا بجهل حكم شرعي من الشريعة الإسلامية باعتبارها مصدرا للقانون حتى لو كان فعلا غير عالم به.
الفرع الثاني: نطاق مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون من حيث طبيعة القاعدة القانونية
يُقصد بنطاق المبدأ من حيث طبيعة القاعدة القانونية، التساؤل عما إذا كان المبدأ يشمل فقط القواعد القانونية الآمرة أم يشمل أيضا القواعد المكملة التي يجوز مخالفتها.
يرى جانب من الفقه أن المبدأ ينطبق فقط على القواعد القانونية الآمرة دون المكملة كون هذه الأخيرة قابلة للاتفاق على مخالفتها.
أما الرأي الراجح للفقه، فيرى أن المبدأ يسري على كلتا القاعدتين الآمرة والمكملة لأن كليهما مشمول بعنصر الإلزام.
المبحث الثاني: الاستثناءات الواردة على مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون
رغم أهمية المبدأ في تحقيق أهداف القانون، إلا أنه وردت على تطبيقه بعض الاستثناءات، وقد ثار خلاف فقهي حولها ولم يجتمع الفقه إلا على القوة القاهرة كاستثناء لمبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون، أما باقي الاستثناءات فما زالت محل خلاف بين الفقه وأقرت بها بعض التشريعات دون الأخرى.
المطلب الأول: القوة القاهرة وطلب إبطال العقد لغلط في القانون
الفرع الأول: القوة القاهرة
سبق وأن ذكرنا أن نفاذ القانون يكون بعد إصدار التشريع ونشره في الجريدة الرسمية ونشر التشريع يكون في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية حسب المادة 4 من التقنين المدني. وبعد نشر القانون في الجريدة الرسمية يعتبر نافذا في العاصمة بعد مرور أربعة وعشرين (24) ساعة من تاريخ النشر، أما في باقي مناطق الوطن فيكون النفاذ بعد مرور أربعة وعشرين (24) ساعة من وصول القانون إلى مقر الدائرة.
لكن في حالة حدوث قوة قاهرة منعت من وصول الجريدة الرسمية فإن هذا يعني أن المخاطبين بالقانون يستحيل عليهم العلم به، لذلك فإن الفقه اتفق على جواز الاعتذار بجهل القانون في هذه الحالة كأن تتعرض المنطقة لزلزال أو فيضان.
الفرع الثاني: طلب إبطال العقد لغلط في القانون
يمكن للشخص الذي وقع في غلط، إمكانية طلب إبطال العقد. حيث نصت المادة 81 من القانون المدني الجزائري على ما يلي: " للمتعاقد الذي وقع في غلط جوهري وقت إبرام العقد، أن يطلب إبطاله "، أما معنى الغلط الجوهري فقد نصّت عليه المادة 82 من القانون المدني الجزائري بنصها على ما يلي: " يكون الغلط جوهريا إذا بلغ حدا من الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد عن إبرام العقد لو لم يقع في هذا الغلط.
ويعتبر الغلط جوهريا على الأخص إذا وقع في صفة للشيء يراها المتعاقدان جوهرية، أو يجب اعتبارها كذلك نظرا لشروط العقد ولحسن النية".
إذن الغلط وهم يقوم في ذهن الشخص يصور له واقعة على غير حقيقتها ويدفعه إلى التعاقد، مثلا: أن يهب رجلا لمطلقته مالا وهو يعتقد أنه استردها لعصمته جاهلا أن الطلاق الرجعي يصبح طلاقا بائنا بانتهاء العدة، فلا ترجع لعصمته إلا بعقد جديد.
يري جانب من الفقه أن هذا الاستثناء ليس معناه جواز الاعتذار بجهل القانون، وإنما المقصود منه تمكين المتعاقدين من تطبيق حكم القاعدة القانونية تطبيقا سليما.
المطلب الثاني: جهل التشريع غير الجنائي ينفي المسؤولية الجنائية وجهل أجنب لأحكام قانون العقوبات
الفرع الأول: جهل التشريع غير الجنائي ينفي المسؤولية الجنائية
تنص بعض التشريعات على استثناء جهل التشريع غير الجنائي ينفي المسؤولية الجنائية كالتشريع الفرنسي، حيث يقر بأن جهل الشخص بقاعدة تشريعية غير جنائية كأن تكون قاعدة تشريعية مدنية أو تجارية تؤسس عليها عقوبةً يمكن أن يحتج بها لنفي المسؤولية الجنائية عنه.
ومثال ذلك في القضاء الفرنسي، قضية شخص وجد كنزا في عقار غيره فاستحوذ عليه ظنا منه أنه من حقه، جاهلا للقاعدة التشريعية المدنية التي تنص على أن الكنز يُقسم مناصفة بين صاحب العقار ومن عثر عليه، حيث قضى القضاء الفرنسي ببراءة هذا الشخص.
الفرع الثاني: جهل الأجنبي لأحكام قانون العقوبات
نصت بعض التشريعات مثل التشريع العراقي على أن الأجنبي القادم إلى العراق الذي ارتكب جريمة يُعتبر بريئا إذا كان الفعل الذي قام به الأجنبي جائزا في محل إقامته وارتكبه خلال سبعة (07) أيام.
فاستثناء جهل الأجنبي لأحكام قانون عقوبات الدولة المسافر إليها يكون بثلاثة شروط:
- الشرط الأول أن يكون الشخص أجنبيا وقادما إلى دولة تعتد بهذا الاستثناء.
- الشرط الثاني أن يكون الفعل المُجرَّم فعلا جائزا في دولة الشخص المرتكب له.
- الشرط الثالث أن يكون الفعل مُرتكبا خلال المدة المُحددة قانونا.
خاتمة
مما سبق نستنتج أن الأصل في تطبيق القانون من حيث الأشخاص هو عدم جواز الاعتذار بجهل القانون، وقد ورد عليه استثناء القوة القاهرة وبعض الاستثناءات الأخرى التي اختلف حولها الفقه والتي اعترفت بها بعض التشريعات الأجنبية.
تعمدنا إعطاء الأفكار الرئيسية والعناصر الأساسية فقط لحث الطالب على البحث وتحري باقي المعلومات في المراجع المختلفة من كتب، أطروحات ومذكرات جامعية، مقالات ونصوص قانونية وغيرها.
نذكر الطلبة الأعزاء أن الهدف من البحوث بالإضافة إلى تحصيل المعلومات، هو تلقين طريقة البحث والمنهجية القانونية.
بعض المراجع التي يمكن استعمالها في بحث أقسام القانون وفروعه.
أولا: الكتب.
- بوضياف عمار، المدخل للعلوم القانونية: النظرية العامة للقانون وتطبيقاتها في التشريع الجزائري، دار ريحانة، الجزائر، د س ن.
- الداودي غالب علي، المدخل إلى علم القانون، الطبعة 7، دار وائل للطباعة والنشر، الأردن، 2004. (يمكن تحميله أسفل الصفحة)
- الخليلي حبيب ابراهيم، المدخل للعلوم القانونية: النظرية العامة للقانون، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2017.
- بعلي محمد الصغير، المدخل للعلوم القانونية : نظرية القانون، نظرية الحق، دار العلوم للنشر والتوزيع، الجزائر، 2006.
ثانيا: المحاضرات.
- بعوش دليلة، المدخل إلى العلوم القانونية: النظرية العامة للقانون، جامعة قسنطينة، 2014-2015. (يمكن تحميلها أسفل الصفحة)
- دموش حكيمة، محاضرات في المدخل للعلوم القانونية، جامعة بجاية، 2017-2018. (يمكن تحميلها أسفل الصفحة)
- محمودي قادة، محاضرات المدخل إلى العلوم القانونية، المركز الجامعي تيسمسيلت، 2010-2011. (يمكن أسفل الصفحة)
ثالثا: النصوص القانونية.
-
دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية المنشور بموجب المرسوم الرئاسي رقم 20-442 مؤرخ في 30 ديسمبر سنة 2020، يتعلق بإصدار التعديل الدستوري، ج.ر.ج.ج عدد 82 صادر في 30 ديسمبر 2020.
-
أمر رقم66-156، مؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق 08 يونيو سنة 1966، يتضمن قانون العقوبات، ج ر ج ج عدد 49 صادر في 21 صفر عام 1386 الموافق 11 يونيو سنة 1966، معدّل ومتمّم. (يمكن تحميله أسفل الصفحة)
-
أمر رقم 75-58، مؤرخ في 20 رمضان عام 1395 الموافق 26 سبتمبر سنة 1975، يتضمن القانون المدني، ج ر ج ج عدد 78 صادر في 24 رمضان عام 1395 الموافق 30 سبتمبر سنة 1975، معدّل ومتمّم. (يمكن تحميله أسفل الصفحة)
- أمر رقم 84-11، مؤرخ في 09 رمضان عام 1404 الموافق 09 يونيو سنة 1984، يتضمن قانون الأسرة، ج ر ج ج عدد 24 صادر في 12 رمضان عام 1404 الموافق 12 يونيو سنة 1984، معدّل ومتمّم بالأمر رقم 05-02، مؤرخ في 18 محرم عام 1426 الموافق 27 فبراير سنة 2005، ج ر ج ج عدد 15 صادر في 18 محرم عام 1426 الموافق 27 فبراير سنة 2005. (يمكن تحميله أسفل الصفحة)
تحميل بعض المراجع الخاصة بموضوع نطاق تطبيق القانون من حيث الأشخاص - مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون.
MANGIAVILLANO Jean-Michel, « nemo censetur ignorare lege » : « Nul n’est censé ignorer la Loi », 19 octobre 2017, in: https://www.lepetitjuriste.fr/nemo-censetur-ignorare-lege-nul-nest-cense-ignorer-loi/, consulté le: 10-08-2021.
للبحث عن مراجع أخرى يمكن الاستعانة بمنصة المجلات الجزائرية .
المبادئ الأخلاقية للبحث العلمي
مكافحة السرقة العلمية:
- احترم دائمًا أفكار وعمل الآخرين من خلال إسناد مساهماتهم بشكل صحيح.
- لا تنسى تقديم مراجع للمصادر الخاصة بك وتوفير مراجع مناسبة لتعزيز نزاهة عملك.
احترام حقوق المؤلف:
- كن واعيًا لحقوق المؤلف وتراخيص الأعمال التي تستخدمها، وامتنع عن استخدام الأعمال بدون إذن.
- تعلم كيفية إسناد الأعمال بشكل صحيح للاعتراف بجهود الأفراد الإبداعية.
الشفافية في البحث:
- كن شفافًا في منهجيتك البحثية لتعزيز الثقة وقابلية تكرار نتائجك.
- شجع على نشر البيانات والطرق لتمكين الباحثين الآخرين من تكرار نتائج بحثك.
واجب الإشارة إلى المراجع:
- أشر إلى جميع المصادر التي تستخدمها في بحثك، بما في ذلك البيانات والمنشورات السابقة وأعمال الباحثين الآخرين، لتعزيز مصداقية بحثك.
إعلان الصراعات المصلحية:
- أخبر الآخرين عن أي صراع مصلحة قد يؤثر على نتائج بحثك.
احترام موضوعات البحث البشرية أو الحيوانية:
- إذا كانت بحثك يتضمن مواضيع بحث بشرية أو حيوانية، تأكد من احترام القوانين الأخلاقية والموافقات المناسبة.
التواصل الأخلاقي:
- شجع على التواصل المفتوح والصادق حول نتائج بحثك، بما في ذلك الكشف عن أي قيود محتملة في الدراسة.